أفلاطون في مصر القديمه - الجزء الاول

المدينه الفاضله ! .. رسمها أفلاطون وظل يحلم بها حتي مات ولم يراها .. حيث المواطن تقدم له أرقي الخدمات بعيداً عن الروتين والتعقيد والمحسوبيه . المدينه التي تصدر السعاده لمواطنيها بمجرد العيش فيها أو السير في طرقها حتي ، إذ جميع الممتلكات تكون ملكيه عامه ملك المواطنين علي حد سواء !. حتي أنه صنف سكانها : الأوصياء .. وهم من يسيرون أمور المواطن ( الحكومه بمعني أدق ) . المحاربين : وهم من يدافعون عن المدينه ضد أي خطر يهددها ( الجيش ) . المزارعين : وهم المسئولين عن توفير الطعام لسكان المدينه . وتكون العلاقة بين سكانها قائمه علي التعاون المشترك بينهم في أدارة كافه شئون المدينه بأعتبار أنها ملكيه عامه لكل سكانها بأختلاف تصنيفهم .

ولكن ماذا لو عاد أفلاطون من الموت وعادت مدينته الفاضله معه ؟!!. 
لنري 👇👇
10 مارس 2020 
جاء أفلاطون من حيث لا ندري ومن حيث لا يدري هو كذلك !. يرسم ابتسامه عريضه علي وجهه يحدها التفاؤل والأمل بمجرد أن تراها يجعلك تعتقد أن كل شئ علي ما يرام والأمور تسير علي أكمل وجه .. أنها  أمارات المدينه الفاضله التي أرادها والتي حلم بالعيش فيها !! ، فهل يجدها ؟.
نراه يسير تحت شمس مارس الدافئة في هذا اليوم بالذات من السنه ، أنه أمشير ! لا نفهمه أبداً ولا يحق لك أن تحاول .. متقلب الحال وكأنك تعيش فصول السنه كلها في يوم واحد ، لا .. بل ساعه واحده !. يلتفت يميناً ويساراً يحاول ان يفهم أين هو .. أنه في بلد عربي ! رغم أنه لم يسمع عن اللغه ألعربيه قط ، وبالتالي لا يعرف كلماتها أو حروفها .. ولكنه الأن يفهمها ويقرأها جيداً .. فيلتفت الي يمينه ليري لافته كبيره مكتوب عليها بخط رقعه باهت من عوامل الجو ( الهيئة العامه للطرق والكباري .. جمهوريه نصر العربيه .. كوبري التعمير ) يفصلها عن كوبري تمر عليه السيارات بسرعه فائقه وكأنهم يدخلون في سباق سيحصل الفائز به علي جائزه قدرها مليون دولار !!. ومن الجهه المقابله تري سيارات الأجرة تصطف بجوار بعضها البعض وتشترك جميعها في  نفس اللون وهو الأبيض .. والناس كثيرون ينظرون الي السائق نظره مترقبه ويتمتمون بكلمات اليه ، فيبادلهم السائق بنظره مشمئزه ويقول بتحفز : 
- الأجره 3 جنيه ونص .. انا بقولك اهو قبل ما تركب !!.
وهكذا وهكذا وهكذا .. حتي تمتلئ السيارة بالركاب ويهرع اليها السائق بعد أن يبصق علي الأرض أو يرمي سيجارته التي أنتهت وكأنها تعلم أن السيارة أمتلئت بالركاب وحان وقت الرحيل ! ، وجميع السائقين يفعلون ذلك .. وكأنه عُرف أتفقوا عليه جميعاً مع ذات النظره وذات الجمله التي ينطقون بها لركاب سيارتهم !. 
لم يشعر أفلاطون بالراحة فقد أنتابه القلق والتوتر ، فما جال بخاطره أن سياره من هذه السيارات هي من ستذهب به الي مدينته الفاضله .. ولكنه سرعان ما طمئن نفسه قائلاً : 
- من بره حاجه ومن جوه حاجه تانيه أكيد !. 
وأبتسم 
-  متي تعلمت اللغه ألعربيه يا أفلاطون ؟!! ، بل تتحدث العاميه أيضاً ، عظيم !!. 
ذهب في أتجاه السيارات طوعاً ، ثم اقترب من سياره فارغه تماماً مفتوحه أبوبها لم يجد سائقها بالقرب منها و وهَم أن يركب حتي جاءه صوت أجش من حيث لا يعلم : 
- مش دي اللي طالعه يا أستاذ ، أركب أخر عربيه ، والأجره 3 جنيه ونص . 
فأتجه أفلاطون الي أخر سياره بالفعل ، وكان الناس يهرعون اليها وركب فيها بالفعل . وبعد بضع دقائق ركب السائق السيارة وانطلقت . 
كان أفلاطون يركب خلف السائق مباشره ، وإذ بالجالس بجواره يميل عليه ويسأل بصوت خافت : 
- هو أخره الدائري ولا هاينزل موقف المرج تحت ؟. 
فأومأ اليه أفلاطون برأسه بأنه لا يعرف . فأحاد الرجل برأسه عنه الجهه المقابله والقي بنفس السؤال علي الجالس بجواره ،  وبعد بضع دقائق اخري ، قال السائق بنفس الصوت الأجش ولكنه مرتفع هذه المره : 
- الأجره يا حضرات . 
تحسس أفلاطون جيبه بحثًا عن النقود فوجدها !. فَعدّ اليه قيمه الأجره وأعطاها للسائق . 
وأثناء الطريق ، أراح أفلاطون برأسه علي نافذه السيارة ، وقد كان يجلس بجوارها ، متأملاً السيارات التي تمر بجواره بسرعه مثل البرق !. لما هذه العجلة ؟!! .. هكذا قال لنفسه متعجباً ! . ولكنه عاد فأبتسم مره أخري وقال بصوت مسموع : 
- مدينتي بالتأكيد تختلف عن كل هذا !. 
فسمعه الجالس بجواره ، فقال بدون تردد :
- ما هو العيب علي الحكومه ، ما هو لو الردار شغال .. ماكانش واحد راكب عربيه جيبهاله أمه يجري يموت في خلق الله كده !!. 
وهنا تدخل السائق قائلاً دون أن يلتفت : 
- ولاد .... ، ربنا يسترها علينا والله !. 
ولا تعلم من هم أولاد ال .... ، هل هم اصحاب السيارات الذين يركبون سيارات اشترتها لهم أمهاتهم .. أم هي الحكومه التي لم تعتني بتركيب الرادار علي الطريق ؟!!. 
*    *    *

وصلت السيارة الي مكان مزدحم يمتلئ بالباعة الذين يصطفون يميناً ويساراً ولا يتركون محالاً للسيارات كي تمر !. يبيع كل منهم بضاعته المنمقه ترتيبها وكأنهم في معرض للسلع !. 
- ال 3 بعشره .. يلا ال 3 بعشره .
وآخرون - وهم كثيرون - يضعون مكبر للصوت أمامهم يعمل علي مذياع صغير الحجم مسجل عليه عبارة واحده ، الخمسة ب 10 .. اشتري اي 5 شرابات ب 10 .. ال 5 بعشره !!. 
ومن ناحيه أخري تجد نفس السيارات التي رآها أفلاطون سابقاً تصطف خلف بعضها البعض وأصحابها يمرقون الماره مترقبين أحدهم حتي يركب .. وكأنهم ذئاب يترقبون الفريسه حتي ينقضوا عليًا فيفترسونها !!. وفي الجهه المقابله للسيارات المصطفه تقع محطه المترو ، ما بين 10 : 15 دقيقه يخرج منها أفواج وأفواج من الناس الذين يراهم سائقي السيارات الفريسه المنتظره ويرون هم السيارات وسيله الخلاص التي ستعود بهم الي بيوتهم !. 
- قلج .. الجبل الأصفر .. الخانكة ..
- النهضه .. السلام .. موقف العاشر .. 
- المرج القديمه .. المرج القديمه .. 
هكذا كان السائقين ينادون ، والناس يهرعون يميناً ويساراً كل منهم يبحث عن مبتغاه !. ومن ناحيه أخري تماماً تري أتوبيسات كبيره تشترك جميعها في نفس اللون ، الأخضر ، ويضعون لافتات أعلي واجهه الأتوبيس تختلف أرقامها فقط !. 
نري ما نراه أفلاطون وكأنه يوم الحشر .. الباعه الذين يبيعون بضاعاتهم يصطفون يميناً ويساراً .. سيارات الأجره الذين ينادون علي فرائسهم .. أفواج الناس الذين يخرجون من الباب الواسع الخاص بمحطه المترو .. الأتوبيسات الضخمه التي تتلون بالأخضر جميعها .. علاوه علي ذلك هذا الكائن الذي لا تستطيع تصنيفه ، لا هو بدراجه بخارية ولا هو بسياره !! . لونه أسود ويسير علي 3 عجلات !. يسمونه التكتوك .. كائن رهيب ، يفعل ما لا تستطيع أن تفعله السيارات الكبيرة أو سيارات الأجره .. أنه السرطان الذي لا تراه بالعين المجردة الذي يستطيع أن يفتك بجسدك !!. مرحباً بكم يا ساده .. انتم في موقف المرج الجديدة .....
يتبع ..  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قهوه بلدي 1

قهوه بلدي 2

كورونا ... الكذبه البيضاء ...